ملتقـــــى جمعيـــة الوشــــم الأدبــــي
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.


منتدى جمعية الوشم الأدبي ببنقردان فضاء مفتوح لكل المبدعين
 
الرئيسيةأحدث الصورالتسجيلدخول

 

 خواطر حول رواية"أسميران "للأديبة فاطمة الزّياني

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
سالم دمدوم

سالم دمدوم


عدد الرسائل : 22
تاريخ التسجيل : 04/01/2008

خواطر حول رواية"أسميران "للأديبة فاطمة الزّياني Empty
مُساهمةموضوع: خواطر حول رواية"أسميران "للأديبة فاطمة الزّياني   خواطر حول رواية"أسميران "للأديبة فاطمة الزّياني I_icon_minitimeالإثنين مارس 03, 2008 12:43 pm

[b]
خواطر حول رواية"أسميران "للأديبة فاطمة الزّياني 4511

المجموعة القصصة أسميران
للأديبة فاطمة الزياني


خواطر حول رواية"أسميران "للأديبة فاطمة الزّياني
بقلم :سالم دمدوم

من بعيد
{...اضربوا في كل مكان؛ وانشروا ملحكم فوق؛ القارة فتموت كل خضرة وكل حياة؛ وتمتلئ الصّحراء الواسعة بجماهير من البكم الموثوقي الأرجل}
ألبير كآمي
حين نأخذ رواية بين أيدينا لقراءتها فإننا حينئذ نبدأ في وداع ما حولنا ! نشرع في الرّحيل . رحيل غير عادي, لا نعرف لنا وجهة في الغالب ،لا هدف لنا نقصده, ولا نعرف أيّ الدّروب نسلك في ترحالنا..
ربّما يوحي لنا عنوان الرّواية ببعض الاتّجاهات, ولكنّه قد يظلّلنا أيضا ! وفي بعض الحالات يكون محايدا ملتبسا لا يوحي بشيء ولا يرشد لطريق كعنوان هذه الرواية .أسميران الذي لا يعفيه تعريف الكاتبة له بأنه بئر حفره جدها من أجل امرأة أحبها حتى الجنون .! لا يعفيه ذلك من كونه يلامس أحيانا تخوم المتاهة ويستحيل رمزا لكثير من الدلالات منه تنطلق الخرافات والعجائب ،الثعابين والذهب والفضة ،يستقطب الخبراء وتجري عليه الدراسات والتحاليل!
هكذا نبدأ الترحال وولوج فضاءات غير معروفة في الغالب . لا ندري بالضبط ماذا سيصادفنا؟ أومن هم الذين سننزل ضيوفا عليهم؟ وبقدر ما تنزع الرواية عنا وحشة المغادرة, وتنتزعنا من رتابة المألوف والعادي فننغمس في حياة جديدة هي الحياة المتخيلة في الحكاية، تكون الرواية أقرب إلى تأدية دورها . فإذا اجتازت بنا جبالا وأدغالا ومدنا هزت نفوسنا دهشة ؛ورمتنا على تخوم الحيرة والروعة والتساؤل ، مندمجين في متاهاتها مشتبكين مع قضاياها وأبطالها وأفقدتنا شكنا وارتيابنا وأصبحت لنا واقعا ننغمس فيه بكل جوارحنا ، تكون الرواية قد نجحت؛ وصارت فعلا عملا إبداعيا . فالإبداع ؛أي إبداع؛ هو أولا وأخيرا خلق عوالم وتأثيثها تأثيثا جيدا؛ يقنعنا بأفكاره وأساليبه وواقعه حتى لو غايرت واقعنا ولم تستجب لمواصفات حياتنا العادية ؛فننسبها إلى الغريب والعجائبي واللامعقول؛ ولكنها مع ذلك تجعلنا مبهورين بكثير من الأشياء والمواقف والمشاهد، تعترينا جملة من الدهشات الصغيرة المحببة فننسى واقعنا تماما؛ ونرحل عبر فلوات الحلم ." فكما أن التجوال في الغابة له طعم اللذة المبهمة ،والمغامرة والخروج عن المألوف والعادي فإن التجوال في فضاءات الرواية له نكهته الخاصة أيضا " وهذا ما توفره لنا هذه الرواية بكل تأكيد .فالمنظورات والمتخيلات الغزيرة التي تتقدم بها فاطمة الزياني في روايتها إلى المتلقي ،بما فيها من شك وحيرة وسخرية وألم ورؤى وقضايا، بالرغم من غدرها
ومراوغتها أحيانا حوافز مغرية لولوج عالمها والتسكع فيه مندهشا مبهورا وما يراه لأول مرة من ظلال ومنغلقات سرعان ما يكتشف أنه أبواب لا أسوار والدعوة قائمة في كل مرة !
قد تنغلق أمامنا بعض الرموز أو التصرفات؛ فلا نعي جيدا دلالاتها ومراميها ؛ولكننا نواصل السير شغوفين بما في هذه الفضاءات المتخيلة من صراعات ومواقف وقضايا تقنعنا وتعزنا وتحرك البرك الساكنة في نفوسنا .
تلك كانت حالي مع هذه الرواية؛ كلما توغلت في القراءة ازددت متعة وحيرة؛ ووجدتني كلما حاولت بناء موقف من دلالات رموزها يعترضني ما يهدم مابنيت؛ فلا يستقيم لي طريق ولايتوضح لي موقف .وأجدني من جديد عالقا في أدغال ألأسئلة والإشكالات تزرعني رموزها في غابات الحيرة والسؤال .
"كالظافر التقطني الزنجي الشديد وأمسكني من ذراعي حديثة العهد بدماء الرجولة؛ ودفعني بعنف غير معلن إلى المركب الراسي على ضفة النهر".
هكذا تبدأ الرواية؛ وهكذا فجأة يجد مقطوع الهارب من قيود القبيلة نفسه، واقعا في قبضة زنجي شديد يحتويه كالهول ! .وتتوتر العلاقة بينهما سريعا، وتبدأ احتفالية الشتائم.. .
"جدف يا أحقر طين رأيته ..جدف أو إني لرام بك وسط هذا العمق الأعمى".
هكذا وعلى غير انتظار يجد نفسه كالمستجير من الرمضاء بالنار؛ وإذا هو في نير عبودية أشد؛ ويصبح مجرد رقم في سلسلة طويلة صفد فيها مع عبيد آخرين وعرضوا في سوق النخاسة.
نتجاوز هذه العتبة المثيرة للحيرة ونحاول أن نلج أعماق هذا العمل؛ فإذا نحن أمام رواية صغيرة في عدد صفحاتها، ولكنها شديدة العمق والاتساع من حيث مراميها وأبعادها؛ إذا حاولت الوغول عبر شعابها وتسلق عقباتها وكثبانها فعليك بالتريث ومحاولة التثبت في معالم الطريق فأنت بمرتاد المتاهة أشبه ؛إذ تجد نفسك أمام عالم يكاد يكون مختلفا ، أسماء وأماكن وتقاليد وعادات وطقوسا. يذهب بك بعيدا في الماضي ويقف بك طويلا أمام الحاضر؛ يحاول رسم ملامح سريالية له وقراءة أحداثه قراءة تمسح فضاءات شاسعة ؛تظل هموم الكاتبة متداخلة مع أوجاع العالم العربي ومحاولاته الدفاع عن هويته وحريته ومقدراته ضد قوى عاتية متحكمة سخرت العلم والسياسة والأساطير للسيطرة عليه وسلب خيراته .
تتداخل الأحداث مثيرة أجواء من الحيرة والتخبط تشي بها تصرفات أماينة زعيمة المقاطيع المتأرجحة بين الحقيقة والوهم؛ بين الرحيل والاستقرار؛ بين الرغبة في تكسير قيد المكان والعجز عن إدراك السبيل إلى ذلك بين التسليم بين التسليم بما يريده الآخر والثبات على المبادئ والحفاظ على المصالح والمقدسات ...حالة التخبط هذه من السهل أن نجد لها معادلا موضوعيا في أوضاعنا العربية الراهنة بما فيها من عجز وحيرة ونفاق وتخاذل وخيانات تشي بها هذه الرواية عن طريق ومضات رامزة وإيجاز مدروس ..
وإذا كان" امبرتو ايكو " يرى إن قاري الرواية عليه أن يحاول الكشف عن استراتيجيات الذات التي تقف وراء هذا العمل التخييلي الذي يعج بالحقائق والأوهام وتحقيق موقعه داخلها ..فإن مهمة قارئ هذه الرواية تظل من الصعوبة بمكان ؛إذ يجد نفسه أمام عمل تتخفى مراميه تحت رموز حاملة لشتى الدلالات .وإذا كانت هذه الرواية مسكونة بالوجع القومي العام فإنها اعتمدت طريقة موغلة في الرمز لا تعدم أحيانا مشاهد كافكاوية تند عن المألوف وتلامس العجائبي واللامعقول. غير أن هذه الرموز مع ذلك تظل وفية لمهمة الرمز الأصلية :إذكاء الحيرة وتوليد السؤال وإثارة الرغبة في إجلاء المفاهيم ..
يقول الناقد الفرنسي "غوستاف لانسون: "إن الأدب يأتي النفوس التي أنهكتها ضرورات الحياة ؛وغمرتها شواغل المادة فيبعث فيها الوعي الحائر بالقضايا الكبرى التي تحكم الحياة ..."
هكذا هذه الرواية؛ تنتشلك من ركود الواقع اليومي لترمي بك في عالم صاخب يجري فيه الصراع وتحتدم المعارك على مستويات كثيرة. وإذا أنت بين هؤلاء الرجال تخوض معهم صراعا ضد الغزاة وضد العقم وضد الملح وضد العبودية وضد أهواء النفس أيضا ؛ وتصير قضية الحرية والخصب والإخصاب هما دائما بين الجميع؛ الكل يعمل جاهدا للتصدي للمعتدين وتخليص الأرض من الملح الذي زرعه الآخر فيها فعطب المكان وأحدبه وأحاله إلى صحراء عقيم .!
على امتداد الفصول الثلاثة تظل معارك الحرية قائمة والغزاة يتقاطرون بالقوة مرة؛ وبالمكر والخديعة مرات. حتى يتسنى لهم دس أعوانهم في القبيلة فيسهل الاختراق ...
ليديا القادمة من الغرب تسلم مفتاح قلعة أسميران لهزيل؛ فيتجه به إلى الغرب ..تقع هذه الصفقة اثر قول الكاتبة:
"يكتم الليل الأسرار؛ ويمتلك الخدر نواصي الرجال؛ وتعود النجوم إلى عراجينها الأزلية لتغمض عيونها نهائيا في لحظة الخيانة العظمى ..."
هكذا تعي الكاتبة أشد الوسائل خبثا :اختراق الشعوب من الداخل وشراء ذمم بعض المهزوزين فيجندون للأجنبي الأنصار والعملاء فتعقد صفقات الخيانة وتضيع مصالح الشعوب ويصبح الدفاع عن الحرية والذات والهوية خروجا عن الشرعية وعملا إرهابيا ينبغي مقاومته وتأليب العلم كله ضده.
وبالعودة إلى مقولة "امبرتو ايكو "التي أشرنا إليها آنفا، في محاولة لاكتشاف استراتيجيات الذات وهمومها التي تولد عنها هذا العمل، نجد إن المبدعة وعت زمنها جيدا بما فيه من انكسارات وعطوب، على مستوى الوطن الكبير، وعلى مستوى الذات أيضا .ثم راحت _بإصرار النمل وصبره؛ وبرشاقة دودة الحرير وشاعريتها؛_تنشئ أسطورة خاصة بها وظفتها لخدمة قضيتها؛ مبدعة نصا بمثل هذه الرهافة والصلابة ،يجسد مناخاة أسطورية وتنشئ
قبائل وأحداثا تتداخل فيها تجاربها الخاصة وميولاتها وإحساسها بهموم وطنها الكبير فإذا الشخوص تسعى بين ضفتي الرواية تصارع أقدارها وتكتم أوجاعها متدثرة بالرمز متعطرة بعطور عجيبة من روح "العلندي"و"التقوفت "و"الرتم "وغيرها من نباتات واديها مهد طفولتها ومنتهى حبها ..وهكذا استطاعت أن تدرج تجاربها الشخصية وقراءتها لواقع زمنها ضمن عمل رامز ينفتح على كل الاتجاهات ويستوعب كثيرا من الدلالات ليلامس ذ اكرة أوسع هي ذاكرة الإنسانية جمعاء حين يتمظهرفي الصراع الأبدي بين الخير والشر والحرية والعبودية والإخصاب والعقم ،بين عجرفة الغازي وصلابة المدافع .كما يظل الانجذاب الأبدي نحو الأنثى هوسا بارزا في الرواية ليوازن_ ربما_ طقوس الإخصاء المتعمد الذي تمارسه "اماينة" مع كل وافد جديد على القبيلة حيث تنقلب شهريارا أنثى تمتص فحولة الرجال ثم تعمد إلى إخصائهم مما يعمق مأساتهم ويؤسس لثقافة العقم ؛التي يريد" الآخر" أن تتفشى وتشيع حتى تكون الأوطان فضاء مباحا تسهل السيطرة عليه واستغلاله .
يقول مقطوع :"مخنوق زمننا يا "أموالي" يخنقه الوهم ويشد حباله الغزاة ! يزرعون رجالهم حولنا، ويطاردون أرواحنا الطامحة إلى الصعود ؛حكموا علينا بالعقم المؤبد حتى لا نترك بعد موتنا جيلا جديدا يحي أسميران بعد موتها ويسد طريق الأعداء "
كما يتوهج الحب بين بعض أبطالها ويستمر متأجج العنفوان حتى يكاد يصير هوسا إذ تكون الحبيبة مستحضرة باستمرار حتى في لحظات التعذيب المتواجدة بسخاء والتي تشي ولو من بعيد بأهم سمات هذا الزمن الرديء. يقول أموالي محرضا مقطوعا :"هل جربت الأنثى ؟..جرب ..لا تفوت الفرصة "
ويقول مقطوع :"..بل إني أحمل رائحة الأنثى في دمي ؛هي الخيط الوحيد الذي يربطني بزمن كأنه لم يكن".."وحدها رائحة الأنثى ظلت تربطني بأصل الحياة وأساس الكون ..". "..الأنثى كائن يحب الحياة ويصنع الفرح. "
وإذ نتأمل جيدا في هذا الاحتفاء بالأنثى والذي يبدو للوهلة الأولى مبالغا فيه نجد إن لها في الرواية دورا أساسيا كان لها عبر العصور ؛ فلطالما كانت هي المحرضة وباعثة النخوة والحاضنة لمعاني البطولة وحب الوطن .
يقول مقطوع :"أمشتي أحدثت ثقبا هائلا في برقع الوهم الذي يلفني ." ؛
"تأتيني أمشتي ترضعني أول قطرات الوعي بالمخاطر التي يواجهها أسميران ."؛
"..أمشتي زمن جديد وألوان جديدة في روحي ."
مما يحيلنا على قول الشاعر القديم:
يقدن جيادنا ويقلن لستم بعولتنا إذا لم تمنعونا
أو قول شاعرة بدوية أخرى
لواش نكسب البل والخيل وأهلها يباتوا كبايا ويرتعوا عشبة الذل وهم خابرين الثنايا
هكذا كان دور الأنثى عندما كان ثمة رجا ل يعرفون النخوة والإنتخاء.تذكرنا به هذه الرواية عن طريق هذا الاحتفاء الكبير بالأنثى والذي يبدو للوهلة الأولى وكأنه هوس جنسي لاغير ...
يروى إن قارئا ذكيا كان يقول: "لا أريد كتابا يجلب لي النوم؛ ولكني أريد كتابا يطرد عني النوم ."
وهذه الرواية تكاد تكون هذا الكتاب. فهي تسحرك وتستفزك دون أن تعي تماما مصدر ذلك. لا تدري هل هو كامن في روعة السرد بإمكا ناتها التخيلية المتعددة؟ أم المتاهات التي يفتحها المعنى؟ أم روعة الأسلوب وسلاسته ؛أم تلك المقاطع من الشعر المرسل المبثوثة بسخاء عبر المتن :
"بطرف عينها ساقتني إلى مدارات الألق الروحي الذي يبعثه الوصل "
"انسحبت آخر نجمة من سمائنا ولم أظفر منها بأكثر من النظر "
"تهدي ألقها الفجري لغيري..."
"وسط هذا الخصب الأنثوي الذي ينتشر من حولي ولا ينالني ريه "
إلى جانب مقاطع من الشعر الشعبي آسفة ونادبة ومحرضة حزينة :
"هاتي التقوفت واظفري شفشوفك أسميران يا قلة عليه أوقوفك"
أم تراه في تصرفات هولاء الأبطال التي تنتسب في كثير من الأحيان إلى العجائبي والغريب بداية من أسمائهم :
أمشتي . بنت ادجاو,مجدر .الطابق , ليديا ،قورا .الخ... أم فظاءاتها الصحراوية بما فيها من صلوات وأغان وطقوس وتقاليد وحكايات صغيرة توهمك أحيانا بأنها ستعري بطلا أو توضح غموضا أو تقدم معلومة ولكنها تنتهي قبل أن تفصح عن أي شيء فتكتشف في النهاية أنها زادتك حيرة ولم تشف غليلك، بل عمقت الغموض وشطبت مسارات كنت تعتزم سلوكها! أم لملامستها الموروث الأسطوري بما له من قدرة على استنهاض خيال ل القارئ وتنشيط ذاكرته حيث تحيله الناقة " صمداء "مثلا على ناقة النبئ صالح وما استتبع عقرها من ويلات على قوم ثمود ؟ مثيلة عجائبية لها في بعض الوجوه هذه التي ينبت من بولها( قورا ) قاتا جديدا يمضغه الرجال فيستطيبون الوهم والضياع
. تدور أغلب إحداث الرواية في الصّحراء حيث كثبان الرّمال الزّاحفة والرّياح الجنوبية اللّافحة . يتسع المدى من )تنبكتو( المدينة الإفريقية ذات المجد التّالد والحاضر المنسيّ المقطوع
عن منابعه وجذوره، إلى " أسميران" الرمز إلى كل موطن تعرض للاستباحة والعطب والاغتصاب ؛حيث مضارب قبيلة المقاطيع بين سماء حاقدة وارض أجدبها الملح؛ وفي زمن يخنقه الوهم ويشد حباله الغزاة هناك حيث تمارس طقوسا غريبة وتصارع أقدارا عاتية تحلم بيوم تصفو فيه مياه البئر وينزاح الملح عن صدر الأرض وتنفتح طريق السماء ؛ فينهمر المطر ، مطر يبشر بالحب والخصب والأمان... تتصدى بين الحين والحين لهجمات المغيرين مسلمة قيادتها ومصيرها لامائنة، هذه المرأة الغامضة، صاحبة التصرفات المشبوهة على كل صعيد؛ يحوم شك كبير حول انتمائها وأصلها وأهدافها واتصالاتها بالآخرين؛ حتى كادت تترشح لدى القارئ بطلة ثانية لهذا العمل بخبثها وأنانيتها وغرابة طقوسها وتحكمها في المقاطيع وقهرها لهم نساء ورجالا وقابليتها العجيبة لان تكون رمزا يحتمل الشيء ونقيضه في نفس الوقت .
لا ندعي في هذه المصافحة الأولى إننا تناولنا كل جوانب هذا العمل القابل لكثير من القراءات إنما توقفنا فقط عند محطات راق لنا التوقف عندها؛حيث نظرنا للرواية إجمالا، فبدت لنا عملا جادا جديرا بالقراءة والاحترام متأصلا في بيئته منفتحا على هموم وطنه الكبير يقتعد مكانا محترما في مدونة السرد العربي ويتفوق على كثير من الأعمال المتوجة في هذا المجال
أوجاع كثيرة تعمرها! بل لعلها ساحة أوجاع ، تتوالى فيها الخيبات والانكسارات... مزيج من البريق والعتمة... رسومات سريالية على جسم الأمة العربية ، مرسومة بالدم والخيانات ذاكرة للملح والدم كما تقول الكاتبة! تنفتح على مشاهد الرق والعبودية والشتائم ،وتنغلق على أكثر الأفعال دموية وعنفا، حين ينبعث الوحش الجمالي الكامن في نهاية الرواية، مضرجا بالدم والغا في الأعراض ،عابثا بالقيم ، مصفدا للأحرار، متحكما في رقابهم بجبروت الجلادين .وبين انفتاحها وانغلاقها أحداث وأحداث فيها للقارئ الفطن"نطر وتحقيق "

------------------------------------------------------------------------------------------------------

1/ - المنفى والملكوت . ص 39 أقصوصة المارق
2/ - ستّة نزهات في عالم السّرد
3/ - العرب والغصن الذهبي :ياروسلاف ستيت كيغيتش.ت:سعيد الغانمي ص137
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
خواطر حول رواية"أسميران "للأديبة فاطمة الزّياني
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» صدور رواية " خبر النقيشة " للكاتب سالم دمدوم
» خربشات على ضفة إصدار نقيشة على "خبر النقيشة"
» أحب فاطمة والبلاد
» الجزء الثاني من الدراسة النقدية لمجموعة الوطن لا يطير
» المذهب الواقعي في المجموعة القصصيّة "زعرة"

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
ملتقـــــى جمعيـــة الوشــــم الأدبــــي :: منتدى جمعية الوشم الأدبي :: منتدى النقد :: بوابة نقد السرد-
انتقل الى: