ملتقـــــى جمعيـــة الوشــــم الأدبــــي
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.


منتدى جمعية الوشم الأدبي ببنقردان فضاء مفتوح لكل المبدعين
 
الرئيسيةأحدث الصورالتسجيلدخول

 

 رمــــــــــــاد

اذهب الى الأسفل 
2 مشترك
كاتب الموضوعرسالة
سميرة الناجح

سميرة الناجح


انثى عدد الرسائل : 1
العمر : 48
تاريخ التسجيل : 11/03/2008

رمــــــــــــاد Empty
مُساهمةموضوع: رمــــــــــــاد   رمــــــــــــاد I_icon_minitimeالثلاثاء مارس 11, 2008 12:51 pm

رمـاد



انتهت مراسم الزفاف وانصرف المدعوون جميعا. لم تبق داخل البيت إلاّ أخته التي لم تشأ أن تغادر قبل أن تعدّ للعروسين مأدبة زيّنتها بأجود أنواع المشروبات وبأشهى غلال الفصل وغير الفصل والتي اختارت لها ركنا هادئا في قاعة الجلوس الشاسعة .
هنّأتهما من جديد وهرولت نحو زوجها الذي بقي بانتظارها في سيارته خارج المنزل.
كانت الأضواء المختلفة الأحجام والمنبعثة من مصابيح الأفراح تملأ القاعة بألوانها فتعطي لسكونها ألف لغة ولغة.
اقترب كمال من عروسه بلطف:
- أأهنئك أم أهنئ زمني بك ؟ أتعلمين ؟ لست بارعا في الكلام، أقول فقط إنّني الآن في قمّة سعادتي، وإنّني سأعمل كل ما في وسعي لنعيش معا في هناء دائم.
تعثرت الكلمات على شفتيها فاكتفت بابتسامة رضاء وارتياح لما سمعته.
دعاها إلى تناول ما لذّ من الثمار الشهيّة التي هي بانتظارهما بصمت على الطاولة فاعتذرت! وكيف لها أن تأكل وكلّ الرغبات تعطلت الآن لديها ! لم تعد قادرة على تمييز ما يعتريها من مشاعر فهي تحسّ بكل شيء وبلا شيء، بالسعادة بالخوف، بالراحة بالاضطراب... امتزج الماضي بالحاضر والموت بالحياة . تراقصت أمام عينيها صور وأحداث مشوشة ومتداخلة كان ذلك لبضع دقائق لكن هذه المدّة رغم قصرها كانت كافية لترمي بها في دائرة من الارتباك والفوضى. رغم ذلك ابتسمت لزوجها قائلة:
- أستسمحك للحظات ، سوف أغيّر ثيابي وأعود، ففستان الفرح هذا ثقيل جدّا ...
دخلت غرفة نومها فأحسّت بهدوء الغرفة يسري إليها فيسكنها فتأنس به وبعثت فيها ستائر الموسلين البرتقالي الشفاف والمنسدلة بدلال على كامل حيطان الغرفة انشراحا، وبدت وكأنها ترسل موجات من الارتياح بفعل خطوط النور المنعكسة عليها، كانت الغرفة بأثاثها الفاخر وأقمشتها الزاهية تسبح في غيمة من العطر المنبعث من موقد فضّي صغير كان قابعا في الركن المقابل للباب.
فتحت باب الخزانة فأنعشها منظر الثياب المتراصة في أناقة بألوانها الجذابة، وبدت لها كقوس قزح متبرّج في عشية العمر أتى ليلوّن سماء فرحتها ويبعث فيها النور والأمل.
اختارت ثوب نوم أخضر زيّن بورود قماشية شفافة تميل إلى الأرجواني الفاتح وغطّت به جسدا مسترخيا احتفاء بقطرات ماء بارد مازالت تلامس بشرة كانت متوهجة تحت حمّام من البخار المعطّر ثم عادت إلى الصالون أين بقي كمال بانتظارها فوجدته ساكنا لا حراك فيه . تسمّر بصره في الركن الخلفي للقاعة وكأنّ أحزان البشر جميعا قد سكنته... أرادت أن تكلّمه حتى يستفيق من شروده، لكنه هزّ رأسه مدركا وجودها ومعبّرا عن رغبته في مواصلة السباحة في ديكور آخر.
دنت منه قليلا لتجعله يستأنس بها ويخرج من هالة الحزن التي أحاط بها نفسه لكنها تسمّرت في مكانها عندما رأت كرات الحزن المتهاوية من مقلتيه فتهالكت على أقرب كنبة وكأنّ رجليها لم تعودا قادرتين على حمل جسدها من جراء ضربة الوجع التي أنهكتها. فما أبشع الألم حين يضرب في غير وقته. حين نستكين إلى الأمل وننشد استراحة محارب فلا نلقاها. في البداية لم تفهم مصدر حالة الحزن التي تهاوت إليها.
أهي أحزان الماضي التي عاشرتها سنينا عزّ عليها أن تفارقها حتى في هذه اللحظات لحظات الفرح والحلم فجاءت لتعبّر عن وفائها وإخلاصها ؟ أأحزانها التي أنكرت عليها فرحة عارمة كانت تهزّها منذ لحظات فقط ؟ أم حزنه هوّ الذي انتقل إليها في انسجام وتمازج لروحيهما ؟ لم تفهم أيّ شيء ... لكن نظرة منها إلى الركن الذي جلب انتباه زوجها جعلتها تفهم كلّ شيء .
هناك أمامه وضع إطار ذهبيّ كبير يحتضن صورة امرأة جميلة ...
تأمّلت جيدا فجلبتها " الجوكندا " الحزينة التي جفّت الكلمات على شفتيها فاعتراها غموض سحّار ارتسم على كامل وجهها وصمت أبديّ ونظرات ملتبسـة تحاكيـك بلغة أخرى ...نظرات تؤسرك ، تهزّك وترمي بك في غمامة من مشاعر لن تفهمها أبدا فتعود إلى الصمت مرفأ تتحطّم على جنباته الكلمات...
إنها زوجة كمال الأولى وهي شابة جميلة قطفها الموت على اثر صراع مرير مع المرض.
تنهدت رجاء بعمق وهي لا تدري لأيّ سبب – هل نقمة على موت لا يحسن اختيار ضحاياه وألم لا يفقه انتقاء وقته، أم ارتياح لمعرفة سبب شرود زوجها وتجاهله لها .
- هي رحمها الله ، حيّة عندك إلى الآن ... لا بـأس ، لكن أنا ، الحيّة ، أرجوك لا تقتلني ...
- قالت رجاء هذه الكلمات ثم انصرفت تحملها أرجل متباطئة، ثقيلة نحو غرفة النوم، ارتمت على سرير شاسع ثمّ نامت.
أضيئت صومعة الجامع المحاذي للمنزل ورفع المؤذن صوته بنداء الفجر .
تململ كمال في فراشه قليلا ثم وثب وكأنّه ينفض عن نفسه فوضى البارحة، التفت إلى أميرته النائمة :
- استفيقي حبيبتي ، كفاك نوما . صباح الحب ...
أدارت بصرها من حولها في كامل أرجاء الغرفة وابتسامة الموناليزا ترتسم في عينيها الشاخصتين .
- أين أنا ؟! ...
رفعت نحوه نظرة حائرة ثم ما لبثت أن أغمضت عينيها للحظات ثم فتحتهما في رجاء وابتسمت بعمق وكأنّها تخفي ارتباكها.
- كيف يحدث لي هذا ؟! أنا في غرفة نومي وهذا الرجل الواقف أمامي يدعوني إلى أن استفيق هو زوجي والبارحة فقط زففت اليه ؟!
لامست يداه الملتهبتان بشرتها الناعمة فانتفض كامل جسدها استجابة ودلالا .
- قومي حبيبتي إنه الفجر ... إنه الفجر ، بعد لحظات سيشرق العمر ويولد حبّ جديد ، ألا تحسين مثلي بانتعاش شهقة البعث النديّ ؟
- سرت نظراته الملتهبة شوقا بكامل جسدها الناعس وأحسّ هو بنشوة تغمر شرايينه التي غدت كمعدن من الرغبة يجذبه إليها مغنطيس أنوثتها الغافية للتوّ .
- قومي حبيبتي ... ؟ لكن لا ... لا تقومي ...


جربة : 16 ماي 2007
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
صالحة غرسالله أم ضياء




انثى عدد الرسائل : 7
تاريخ التسجيل : 08/02/2009

رمــــــــــــاد Empty
مُساهمةموضوع: رد: رمــــــــــــاد   رمــــــــــــاد I_icon_minitimeالأحد مارس 08, 2009 8:52 am

لغة متينة
وسرد متماسك
قصة الأنثى الثانية في حياة الرجل
مضمخة بالمعاناة
أنتظر المزيد
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
رمــــــــــــاد
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
ملتقـــــى جمعيـــة الوشــــم الأدبــــي :: منتدى جمعية الوشم الأدبي :: منتدى القصة-
انتقل الى: