صالحة غرسالله أم ضياء
عدد الرسائل : 7 تاريخ التسجيل : 08/02/2009
| موضوع: لقـــــــــــــاء ............ السبت مارس 07, 2009 8:40 am | |
| لقاء
بعد لم ينشر الصيف أشرعة الرحيل .....بعد على العتبة يقف الخريف مترددا يشوبه الخجل ...بعض نسائم الهزيع الأخير من الليل يذرو أذيال ثوبها الطويل ....شجرة التوت انحنت تداعب خصلات شعرها المتمردة .....طائر ليلي يحوم حولها يدفعه فضول غريب .....بداخلها خيوط رفيعة لقلق تحاول مداراته بيقين أن أول سيارة ستقف في المحطة سيكون فيها حبيبها . أخبرته أنها ستنتظره في المطارلأنه المكان الوحيد الذي تعرف لكنه طلب أن تقف حيث نزلت ..... المرأة الوحيدة التي رافقتها في سيارة الأجرة تقف على يمينها .. تبادلها نظرات متطلعة ولكنها لم تشجعها على الحديث ..سيارة أجرة تقف على اليسار فيها اجتمع سائقو المحطة يتبادلون الحديث بصوت مسموع وبدا الليل مرهقا يردد في صعوبة ما يدور بينهم. غير بعيد وقف مجموعة من الشبان تناثرت حقائبهم الكبيرة في فوضى من حولهم . أقبلت سيارة الشرطة وطلبت هويات الواقفين بالمحطة ،انتابها تخوف فبماذا ستجيب لو سألوها ؟ نزل شرطيان ساقا الشباب إلى السيارة وأعادا الهويات إلى الباقين .نظرت إلى بطاقتها في يدها محدثة نفسها :" من سيتصور أنها تقطع مئات الكيلومترات لتلتقي بشخص يجمع بينهما الأثير ؟ " أخيرا تهادت السيارة وتوقفت قبالتها لتغرقها في سيل من الضوء الساطع ....ورأتها في عينيه وهي تحاول أن تمشي بثبات في عتمة المعبد . .قال :" اعتقدت أنك أكثر امتلاء" فأجابت : " وأنا اعتقدت أنك أقل شبابا " مدت يدها تصافحه لكنه انحنى وأهوى على شفتيها ليطبع قبلة سريعة .وسط ذهولها سكتت. و انطلقت السيارة . من خلال النافذة ألقت نظرتها على المدينة الناعسة .رأت الليل يجوب الشوارع والأزقة الضيقة .وأحست أن المشهد مألوف ، هكذا هي المدن الساحلية تتقارب في شكلها المعماري ويكون لها نفس النبض خاصة حين يكون العمود الفقري لها السياحة . كان من حين لآخر يلتفت إليها يمعن غير مصدق في تفاصيل وجهها ...وتبادله الدهشة ....علم بقدومها قبل ساعة فقط لذلك فهي لا تتصور أنه استعد لاستقبالها. كانا يعرفان أنهما لو لم يلتقيا الآن فلن يلتقيا إلا بعد عام وربما أكثر . وحدها أخذت القرار ....قوة غريبة كانت تدفعها إلى هذه الربوع .قبل أن تتمكن من إخباره بمجيئها راودتها أفكار شتى : ماذا لو ساءت حال أبيه أكثر ؟ماذا لو نزلت الستارة عن فصول احتضاره قبل ساعة من وصولها ؟ وتذكرت أنها لم تسأله عنه .قال أنه على حاله وأنه ترك أخته مكانه وأوصاها بملازمته إلى أن يعود .منذ عاد لم يفارقه لحظة ...ما أقسى الموت البطيء على الأهل . لما أسكت المحرك ألقى برأسه إلى الخلف وزفر .نظر إليها فابتسمت قائلة : " معي ساعتان ليس أكثر، لا بد أن أكون هناك فـ.... " وضع سبابته على شفتيه و لم يجبها وإنما فتح ذراعيه ودعاها إلى حضنه . لفها قطن صدره فتضاءلت لتصير قبضة تشكلها حرارة كفيه ... هباءة طائرة يلاحقها فراش أنفاسه . رفعت وجهها إليه ثم قالت :" لم أفكر كثيرا لما قررت المجيء ولن أندم أبدا فإن أنت قدرته فحسبي ذلك، وإن أنت حاسبتني كأي رجل شرقي فــــ........." وضع يده على شفتيها ثم همس : " لا تكملي ...أنت تقدمين لي أغلى هدية " كبذرة توفرت لها أسباب الحياة غاصت في تربة أضلعه ... وانتهى إلى سمعها وجيب قلبه ....كانت تعرف أن الذي بينهما أبعد بكثير من انجذاب تؤثثه ملامح الوجه، أو صفاء العينين ،أنوثة صارخة ، أو رجولة لافتة . كان يبحث عن امرأة لا تشبهها أخرى ...وكانت تبحث عن رجل ... كان الوقت يمرّ بسرعة وشجرة التّوت بعد تعبث بخصلات شعرها والفجر يتسلل عبر مسامها يسكب ضوء الحقيقة في دمها قطرة قطرة .... جرتها الخطى إلى السيارة التي قضت الليل تتأملها فاغرة فاها ....ألقت بجسدها المنهك من اثُر السفر والوقوف على أحد الكراسي وأغمضت عينيها ..... حتى إذا ما انتبهت وجدت نفسها تغوص في حوض ماء دافئ أجالت بصرها حولها ...لم يكن بالسيارة غيرهما وكانت تضع رأسها على كتفه ورائحة عطره تخز دماغها ....انتفضت منسحبة ولكنه ضمها في حنو قائلا :" ابقي ......أنت لا تضايقينني ..." لم تدر ما تفعل غير أن خدرا لذيذا سرى في أوصالها .......وعلى زجاج المرآة التقت عيناها بعيني السائق .كان هو نفسه الذي جاءت معه .......................... | |
|
أمل دلاعي
عدد الرسائل : 11 العمر : 35 تاريخ التسجيل : 22/06/2008
| موضوع: رد: لقـــــــــــــاء ............ الأربعاء مارس 11, 2009 12:49 pm | |
| الأخت العزيزة أم ضياء
سعدت كثيرا بأن أمر من هنا و أقرأ هذ النص الجميل يسعدني أن أتعرف عليك و كل شوق إلى معانقة كتاباتك التي أنتظرها بفارغ الصبر
تحياتي | |
|